في ليلة كروية ملأتها الروعة والإبداع، كان المنتخب المغربي على موعد مع الانتصار الكبير أمام نظيره إفريقيا الوسطى، إذ اكتسح “أسود الأطلس” خصمهم بخماسية نظيفة. في ملعب الشرفي بوجدة، لم يكن الأمر مجرد مباراة بل كان عرضًا فنيًا استعرض فيه المغرب قوته الهجومية وصلابته الدفاعية، ليؤكد جاهزيته لمواصلة مشواره في التصفيات بكل ثقة واقتدار.
الأسود تزأر من جديد
مع انطلاق المباراة، كان واضحًا أن المنتخب المغربي سيدخل المواجهة بقوة. أظهرت تشكيلة وليد الركراكي انسجامًا وتكتيكًا عاليًا منذ البداية. عبد الصمد الزلزولي، ذلك اللاعب الذي لطالما أمتع الجماهير، افتتح التسجيل في الدقيقة 18 بعد هجمة سريعة ومنظمة، وكأنه يقول للخصم: “ها قد بدأنا، فمن يقدر على إيقافنا؟”. وجاء عز الدين أوناحي ليعمق الجراح بهدف ثانٍ في الدقيقة 38، وكأن الأسود تهدر في سماء الملعب، تروي ظمأ جماهيرها العاشقة للأداء الجميل.
قبل أن تنطفئ شمعة الشوط الأول
وفي اللحظات الأخيرة من الشوط الأول، ارتفع صوت هدير الأسود مجددًا، حيث سجل أشرف حكيمي الهدف الثالث في الدقيقة 45، مظهراً عزمه على السيطرة الكاملة. وكأن الشوط الأول كان قصيدة مليئة بالأوزان والموسيقى التي نسجتها أقدام لاعبي المغرب، لتكون نهايتها الرائعة بتسجيل الهدف الرابع عبر أوناحي في الوقت المحتسب بدل الضائع. كان الأداء سلسًا كما لو أنه عزف سيمفونية راقية أمتعت الجماهير وأصابت الخصم بالحيرة.
الشوط الثاني: الهدوء قبل العاصفة
في الشوط الثاني، وعلى الرغم من أن الأسود قد ضمنوا الفوز، إلا أن إصرارهم على زيادة الغلة لم يتوقف. في الدقيقة 70، أضاف سفيان رحيمي الهدف الخامس من ركلة جزاء، ليعطي المباراة طابعًا ختاميًا مميزًا. كانت ركلة الجزاء تلك أشبه بالخاتمة المثالية لرواية كروية استحوذت على كل الأنظار، لتكتب فصلاً جديدًا من انتصارات المنتخب المغربي.
الدور القيادي للاعبين الأساسيين
أشرف حكيمي لم يكن مجرد هداف في المباراة، بل كان قائدًا حقيقيًا على أرض الملعب. أظهر شخصية قيادية قوية سواء من خلال تمريراته الهجومية أو في التغطية الدفاعية. كما أن تحركاته الذكية على الجهة اليمنى ساعدت في فتح مساحات للزملاء، مما زاد من خطورة الهجمات المغربية. حكيمي يتألق كما هو معتاد، ويظهر للجميع أنه عنصر لا غنى عنه في تشكيلة “أسود الأطلس”.
التنظيم الدفاعي: السد المنيع
على الرغم من الأهداف الخمسة، لم يكن الهجوم هو السلاح الوحيد للمغرب في هذه المباراة. الدفاع بقيادة نايف أكرد كان صلبًا، حيث نجح الفريق في الحفاظ على شباكه نظيفة. ورغم خروج ياسين بونو للإصابة في الدقيقة 32، لم يتأثر استقرار الدفاع بوجود منير المحمدي في حراسة المرمى. التنظيم الدفاعي الجيد والضغط المستمر على حامل الكرة حال دون وصول إفريقيا الوسطى إلى مناطق الخطورة.
التأثير البدني واللياقة العالية
ما أظهره المنتخب المغربي في المباراة ليس فقط تفوقًا تكتيكيًا بل أيضًا تفوقًا بدنيًا. من الدقيقة الأولى حتى النهاية، حافظ الفريق على نفس الزخم والضغط الهجومي. البدائل التي دخلت خلال الشوط الثاني أكدت أن الركراكي يملك تشكيلة غنية بالعناصر الجاهزة، حيث لم يؤثر التبديل على إيقاع المباراة، بل زاد من فعالية الفريق في كل جوانب اللعب.
خلاصة الأداء: عزف الأبطال
ليس من الغريب أن نرى منتخبًا مثل المغرب يزأر في ميدان الملعب، لكن في هذه المباراة تحديدًا، كان الأداء يتجاوز حدود النتيجة. كانت هناك تناغم بين اللاعبين وكأنهم فرقة تعزف لحن الانتصار، حيث أظهروا قوة وثقة في كل هجمة وفي كل لمسة. هذا الفوز، بأهدافه الخمسة وأدائه الرائع، لا يعد فقط نتيجة في مباراة، بل هو رسالة إلى كل المنافسين بأن الأسود مستعدة للهيمنة في كل جولة وفي كل تحدٍ قادم.
التطلعات المستقبلية
مع هذا الانتصار الكبير، يعزز المغرب صدارته للمجموعة برصيد 9 نقاط من ثلاث مباريات، مؤكدًا مكانته كأحد المرشحين الرئيسيين للتأهل إلى كأس أمم إفريقيا. ومع بقاء جولات قادمة، يبقى السؤال المطروح: هل يستطيع المنتخب المغربي الاستمرار في هذا الأداء الرائع حتى النهاية؟ الإجابة قد نجدها في المباريات القادمة، ولكن كما يبدو، الأسود لن تتوقف عن الزئير قريبًا.
ختامًا، مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى لم تكن مجرد مواجهة رياضية، بل كانت لوحة فنية رسمتها أقدام لاعبي المنتخب المغربي. لو كان للفوز لون، لكان أخضر وأحمر، ولو كان للفخر صوت، لكان زئير أسود الأطلس.